السبت، 27 يونيو 2009

الخريطـــــــــــة و الإدريســـــــــــى


....كانت عناية العرب بعلم الجغرافيا كبيرة فقد قاموا بترجمة كتب وعلوم الحضارات السابقة مثل كتب الاغريق الجغرافية و قاموا بتصحيح الكثير من الاخطاء التي وقع فيها مؤلفو هذه الكتب بعد معاينة الاماكن على الطبيعة و قاموا بوضع خرائط اكثر دقة من السابقة .

وبسبب براعة العرب و تعمقهم فى هذا العلم ذاع صيتهم بين الامم والشعوب . وفى منتصف القرن الثاني عشر الميلادي ارسل الحاكم روجر حاكم جزيرة صقلية دعوى الى الرحال العربي الكبير الشريــــــــف الادريســــــــى ، وكان هذا الحاكم مغرما بالجغرافيا ، فطلب من الرحالة الادريســــــى ان يصنع له خريطة للعالم .

رسم الادريســــى خريطته بشكل مثير للدهشة على تصور جديد لم يكن مألوفا من قبل معينا عليها البحار و الجبال و المدن والانهار ، وصحح الادريســــــى فى خريطته الفكرة السائدة التي كانت آنذاك ، حيث تصور القدماء ان الارض مسطحة تعوم على سطح الماء ، ولكنه قام برسمها على شكل كره بيضاوية محاطة بالماء من كل جانب وقسمها الى قسمين يفصل بينهما خط الاستواء ، ولكنه لم يضع فى خريطته امريكا و استراليا لانهما لم تكونا قد اكتشفا بعد.

وبعد ان امضى الادريســـــــــى اكثر من خمسة عشر عاما من البحث والقصى الدقيق لانجازها . اكمل الرحالة العربي الكبير خريطته بالشكل النهائي ، فأعجب الحاكم روجر ببراعته ، فطلب منه ان يصنع واحدة اخرى من الفضة لكي تبقى على مر الزمن ، فقدم له روجر كل ما يحتاج اليه من المواد ، وعين مجموعه من امهر الحرفيين والفنانين فى النحت و الصياغة حتى يقوموا على تنفيذ هذه الخريطة المجسمة بإشراف الادريســــــــى فأخذت هذه الخريطة شكل مائده مستطيله طولها ثلاثة امتار ونصف المتر ، وارتفاعها متر و نصف ، وكان الحاكم روجر يقف امامها فكأنه ينظر الى العالم بين يديه . فكانت أول خريطة مجسمة فى التاريخ .

............ومن المثير للدهشة والاستغراب ان تبقى خريطة الحائط الورقية السريعة التلف ، وتضيع خريطة المعدن التي اراد صاحبها ان تخلد اسمه على مدى العصور ، فقد كانت قيمتها المادية سبب فى تلفها و ضياعها ، فبعد وفاة الحاكم بست سنوات هاجم الثوار القصر الملكي وهشموا المائدة الفضية قطعة قطعة ، اقتسمها المهاجمون بينهم ، ثم ضاعت خريطة الحائط التي عملها الادريســــــــــى ولم يبقى غبر خريطة كتابه الشهير ( نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق